همس في البحيرة - الجزء الثالث والأخير: نداء الأعماق | نهاية قصة الرعب

 لقراءة الأجزاء السابقة:

كتاب أو مخطوطة قديمة مفتوحة تظهر رسومًا أو نصوصًا مخيفة عن أسطورة البحيرة

الفصل السابع: أساطير الغرقى: 

   لم يعد هناك مجال للشك أو الإنكار. ما يمر به خالد، وما بدأت تشعر به سارة (تم تغيير الشخصية في النسخة السابقة إلى نواف، سأستمر بنواف الآن بناءً على طلبك الأخير بأن تكون الشخصيات كلها أولاد)، وما أصبح يراه فيصل من رعب حقيقي في عيون صديقيه، أكد لهم أنهم يواجهون شيئًا يتجاوز التفسيرات المنطقية. مدفوعين بالخوف والرغبة اليائسة في إيجاد حل، بدأوا يبحثون بنهم عن أي معلومات تتعلق بتاريخ الواحة والبحيرة وأساطيرها.

لم يجدوا الكثير في المصادر الرسمية أو على الإنترنت، فالواحة كانت دائمًا منعزلة وغير ذات أهمية تذكر. لكنهم، بمساعدة بعض المنتديات المهتمة بالفولكلور المحلي والتاريخ الشفهي، وصلوا إلى روايات متفرقة وأكثر قتامة يتناقلها بعض كبار السن في القرى المجاورة للواحة عن بعد. تحدثت هذه الروايات عن "غريق الأعماق"، ليس شبحًا بالمعنى التقليدي، بل كيان قديم جدًا، يسكن في أعمق نقطة في البحيرة، يمثل "روح" الماء الراكد والحياة البدائية في قاعها المظلم. تقول الأساطير إنه يغار على سكونه، وينتقم من أي شخص يزعجه أو "يأخذ" شيئًا من مياهه (حتى لو كان مجرد الانتعاش بها). طريقته في الانتقام ليست القتل المباشر، بل "النداء"... همس مستمر، شعور بالعطش والبرودة، جاذبية لا تقاوم نحو الماء، حتى ينجذب الضحية للعودة إلى البحيرة طوعًا، لينضم إليه في الأعماق الباردة ويصبح جزءًا من سكونها الأبدي. ذكرت بعض الروايات اختفاء رعاة أو مسافرين وحيدين قرب البحيرة على مر القرون، وأشارت إحداها إلى محاولة فاشلة لـ "استرضاء" الكيان بقرابين لم تجدِ نفعًا.

خالد يبدو شاحبًا ومسحورًا وهو يحدق نحو شيء ما، وكأنه يشعر بنداء لا يقاوم.

الفصل الثامن: النداء الذي لا يقاوم: 

   كل كلمة قرأوها كانت تصف حالة خالد المتدهورة بدقة مرعبة. أصبح شاحبًا وهزيلاً، يقضي معظم وقته في غرفته المظلمة والرطبة، يستحم لفترات طويلة جدًا أو يجلس فقط محدقًا في كوب من الماء لساعات. بالكاد يتكلم، وعندما يفعل، يكون صوته خافتًا ومبحوحًا كأن حباله الصوتية قد تبللت. بدأ يتحدث عن "الراحة" التي يشعر بها عندما يسمع صوت الماء، وعن "السلام" الذي تعده به الهمسات التي لا يسمعها سواه.

أما العطش، فقد أصبح هوسًا مؤلمًا. يشرب الماء باستمرار لكن دون جدوى، بل إن جلده نفسه بدأ يبدو جافًا ومتشققًا بشكل غريب، كأنه يفقد رطوبته الداخلية بسرعة لا يمكن تعويضها. في الوقت نفسه، ازدادت جاذبيته غير المنطقية نحو مصدر مائي كبير. لم يعد يطيق البقاء في "المدينة" الجافة، وبدأ يتحدث بشكل مشتت عن "العودة إلى الواحة"، عن "الغوص في البرودة الحقيقية"، عن "الارتواء النهائي". كان النداء يشتد، والكيان يسحبه نحوه ببطء ولكن بثبات.

خالد يسير ببطء نحو مياه البحيرة المظلمة ليلاً، متجاهلاً نداء أصدقائه

الفصل التاسع/العاشر: عناق الأعماق: 

   في إحدى الليالي، اختفى خالد من شقته. وجد فيصل ونواف رسالة مقتضبة على طاولته: "لقد نادتني. أنا ذاهب لأرتوي." لم يحتاجا لتفسير. استقلا سيارة فيصل وانطلقا بأقصى سرعة نحو الواحة، والخوف يعتصر قلبيهما.

وصلا إلى الواحة مع بزوغ أول خيوط الفجر الباهتة، لكن الجو كان لا يزال يحمل ظلمة الليل وبرودته. وجدا سيارة أجرة متوقفة عند مدخل الواحة، أخبرهما سائقها النعس أنه أوصل شابًا بنفس أوصاف خالد قبل ساعات قليلة، وأن الشاب اتجه مباشرة نحو البحيرة. ركضا نحو الشاطئ، وقلوبهما تدق بعنف.

وهناك، على ضوء القمر الآفل، رأوه. كان خالد يقف عند حافة الماء، ثم بدأ يسير ببطء وثبات نحو الأعماق، كأنه يسير في نومه. المياه الداكنة تلف ساقيه، ثم خصره، ثم صدره. صرخ فيصل ونواف باسمه، حاولا الركض نحوه، لكنهما توقفا فجأة عند حافة الماء، وشعرا ببرودة غير طبيعية تصعد من الرمال الرطبة، وسمعا، لأول مرة بوضوح تام، همسًا جماعيًا خافتًا ومغريًا يأتي من سطح الماء الساكن، يعد بالسكينة والراحة الأبدية.

لم يلتفت خالد. استمر في السير بثبات نحو وسط البحيرة، والمياه ترتفع لتغطي كتفيه، ثم عنقه. للحظة أخيرة، قبل أن يختفي رأسه تحت السطح الأسود اللامع، بدا وكأنه يبتسم ابتسامة غريبة، ابتسامة ارتواء وسلام مخيفين. ثم... ساد الصمت.

لم تظهر أي فقاعات. لم تحدث أي حركة عنيفة. فقط سطح البحيرة عاد إلى سكونه المرآوي المطلق، يعكس السماء التي بدأت تصطبغ بألوان الفجر الباهتة، وكأن شيئًا لم يكن. وقف فيصل ونواف متجمدين على الشاطئ، يحدقان في البقعة التي ابتلعت صديقهما، والهمس البارد لا يزال يتردد في آذانهما، ووحدهما الآن يعرفان السر المظلم الذي تخفيه بحيرة الواحة الهادئة في أعماقها التي لا قرار لها. لقد احتفظت البحيرة بسرها... وبضحيتها الجديدة.


(نهاية القصة)

   وهكذا يختتم "همس البحيرة" فصوله، تاركًا وراءه قشعريرة باردة وشعورًا بالعجز أمام قوى قديمة ومجهولة قد تسكن أماكن نعتبرها آمنة. الخطر الحقيقي قد لا يكون دائمًا في الضجيج، بل أحيانًا في السكون المطبق... وفي الهمس الذي يأتي من الأعماق.

نأمل أن تكون هذه القصة قد أثارت رعشة خفيفة في عمودك الفقري! انتظروا المزيد من قصص الرعب والغموض في مدونة "السطر التالي..!" يمكنك قراءة القصة كاملة من البداية عبر الروابط أعلاه. للوصول إلى فهرس قصة همس في البحيرة، اضغط هنا.


مدونة السطر التالي..! https://theneextline.blogspot.com

تعليقات