همس في البحيرة - الجزء الأول: السطح الهادئ | قصة رعب وغموض

 "استعدوا لجرعة من الرعب النفسي والأجواء الغامضة! مدونة 'السطر التالي..!' تأخذكم اليوم في رحلة إلى واحة نائية وبحيرة تخفي أسرارًا لا يجب إيقاظها. نقدم لكم الفصل الأول من قصة 'همس في البحيرة'...". 

منظر لبحيرة واحة هادئة ومعزولة، مياهها ساكنة وتعكس السماء بشكل غريب.

الفصل الأول: نداء الواحة: 

   كانت فكرة "نواف" الحماسية لقضاء عطلة نهاية الأسبوع في واحة "عين السراب" المنعزلة هي ما جمع الأصدقاء الثلاثة: نواف نفسه، الشاب المرح ومحب المغامرة، و"فيصل" الأكثر هدوءًا وتعقلاً، و"خالد"، ذو النزعة التشكيكية والساخرة أحيانًا. انطلقوا بسيارة الدفع الرباعي الخاصة بفيصل من ضجيج "المدينة" وشوارعها المزدحمة، متجهين نحو صمت الصحراء الشاسعة، بحثًا عن الاسترخاء والمغامرة.

بعد ساعات من القيادة عبر طرق متعرجة وغير معبدة، وصلوا أخيرًا إلى الواحة. كانت أجمل مما وصفها نواف؛ بقعة خضراء نابضة بالحياة وسط بحر من الرمال الذهبية، تتوسطها بحيرة واسعة ذات مياه صافية وساكنة بشكل لافت للنظر. بدت كمراّة عملاقة تعكس زرقة السماء الصافية.

بينما كانوا ينصبون خيمتهم الصغيرة قرب الشاطئ، اقترب منهم رجل عجوز من السكان القلائل للواحة، يعمل في رعاية النخيل القريب. بعد ترحيب مقتضب، أشار إلى البحيرة بنظرة غريبة وقال بنبرة تحذيرية خافتة: "ماء العين حلو... لكن قعرها ما له أمان. لا تسبحوا بعيد، ولا تزعجوا هدوءها وقت الغروب... ما تحب الإزعاج." ابتسم الشباب بمجاملة، بينما همس خالد لفيصل ساخرًا: "خرافات لجذب السياح!". لم يأخذ أي منهم كلمات العجوز على محمل الجد.

شباب يسبحون في البحيرة باتجاه جزيرة صخرية صغيرة في المنتصف.

الفصل الثاني: تموجات التحدي: 

لم يستطيعوا مقاومة إغراء مياه البحيرة الباردة المنعشة في حر الظهيرة. قفزوا ثلاثتهم في الماء، ضحكاتهم تكسر الصمت المطبق للمكان. كانت المياه أبرد مما توقعوا، برودة نقية ومنعشة في البداية. سبح نواف وفيصل بمرح قرب الشاطئ، لكن خالد، مدفوعًا بروح التحدي ورغبته في إثبات سخافة التحذيرات، أشار إلى جزيرة صخرية صغيرة تبدو كحدبة سوداء في وسط البحيرة. "سباق إلى الجزيرة؟" صاح متحديًا.

تردد فيصل قليلاً، متذكرًا كلمات العجوز، لكن حماس نواف وتشجيع خالد دفعاه للموافقة. انطلقوا يسبحون نحو وسط البحيرة. كلما ابتعدوا عن الشاطئ، بدت المياه أعمق وأكثر قتامة وبرودة. شعر خالد بتيارات باردة غير متوقعة تلتف حول ساقيه. وصل أولاً إلى الصخور البازلتية السوداء الملساء للجزيرة الصغيرة، تسلقها بصعوبة وجلس يلتقط أنفاسه، منتظرًا الآخرين. بينما كان ينتظر، غطس ليرى ما تحت الماء قرب الجزيرة. المياه كانت صافية بشكل مخادع، لكن القاع كان يختفي بسرعة في ظلام دامس. لمح شيئًا غريبًا، مجموعة من الصخور في القاع بدت مرتبة بشكل غير طبيعي، وكأنها جزء من بناء قديم، وشعر بلمسة باردة ولزجة تلامس قدمه للحظة، كأنها ورقة نبات مائي كبيرة، لكنها تراجعت بسرعة عندما حرك قدمه.

وصل فيصل ونواف، وجلسوا على الصخور للحظات، يشعرون بالهدوء الغريب والعزلة في وسط البحيرة الشاسعة. لم يذكر خالد ما شعر به في الماء.

ضباب كثيف وغير طبيعي يزحف فوق سطح البحيرة الهادئ

الفصل الثالث: القشعريرة: 

عندما قرروا العودة سباحة إلى الشاطئ، لاحظوا أن الجو قد تغير قليلاً. هدوء البحيرة أصبح مطبقاً، حتى أن صوت تنفسهم بدا عاليًا بشكل مزعج. وبينما كانوا في منتصف المسافة، بدأ ضباب أبيض خفيف يتشكل فوق سطح الماء بسرعة غير طبيعية، رغم أن السماء لا تزال صافية والشمس لم تغرب بعد. لم يكن ضبابًا عاديًا، بل كان كثيفًا وباردًا ويلتف حولهم كأنه كائن حي، يحجب الرؤية ويخلق شعورًا خانقًا بالعزلة.

سبحوا بأقصى سرعة نحو الشاطئ، والخوف البارد يتسلل إلى قلوبهم. عندما وصلوا أخيرًا إلى اليابسة ووقفوا يلهثون وينظرون خلفهم، كان الضباب يغطي معظم البحيرة كغطاء أبيض سميك، وبدا وكأنه يتلاشى ببطء عند حواف الشاطئ القريبة منهم. نظروا إلى بعضهم البعض، لم تعد هناك ابتسامات ساخرة أو روح تحدي، فقط صمت مشوب بالقلق.

"هذا... غريب جدًا،" قال فيصل بصوت خافت. هز نواف رأسه موافقًا، بينما شعر خالد بقشعريرة عميقة تسري في جسده، قشعريرة لم يكن سببها برودة الماء فقط.

لم يتحدثوا كثيرًا بعد ذلك. قاموا بجمع أغراضهم وتفكيك خيمتهم بسرعة، ورغبة ملحة في مغادرة المكان تملكتهم جميعًا. وبينما كانت سيارتهم تبتعد عن الواحة الهادئة بشكل مخيف، لم يستطع خالد منع نفسه من النظر إلى البحيرة في مرآة السيارة الجانبية. بدت ساكنة وصافية مرة أخرى تحت أشعة الشمس المتراجعة، كأن شيئًا لم يحدث. لكنه شعر في أعماقه بأن البحيرة لم تكن مجرد ماء وصخور، وأن شيئًا ما في سكونها وبرودتها قد لامسهم... وربما، لم يتركهم يذهبون تمامًا.


(نهاية الجزء الأول)

   لقد تجاهل الأصدقاء التحذيرات ودخلوا منطقة محرمة في البحيرة، وعادوا بشعور غامض بالقلق بعد تجربة غريبة. هل كانت مجرد ظاهرة طبيعية أم أنهم أيقظوا شيئًا كامنًا في الأعماق؟ وما هي آثار هذه التجربة التي ستلاحق خالد في الأيام القادمة؟ يبدأ الهمس الأول...

[>> لقراءة الجزء الثاني: الرذاذ المتسلل (انقر هنا)]


مدونة السطر التالي..! https://theneextline.blogspot.com

تعليقات