شيفرة الفوضى - الجزء الثاني: سباق في الظل | قصة تشويق وإثارة

 لقراءة الجزء السابق:


عمر يراقب بحذر حركة الناس داخل محطة المترو الحديثة والمزدحمة.

الفصل الخامس: استطلاع أولي: 

   وصل عمر إلى محطة المترو الرئيسية في المنطقة المالية حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، قبل الموعد المحدد في الرسالة بأربع ساعات كاملة. كان قلبه يخفق بقوة وهو يندمج مع الحشود التي بدأت تتزايد مع اقتراب نهاية يوم العمل. حاول أن يبدو طبيعيًا، مجرد شاب آخر ينتظر صديقًا أو يتجول، لكن حواسه كانت تعمل بأقصى طاقتها. عيناه تمسحان الوجوه، تبحثان عن أي شيء مريب، أي تصرف خارج عن المألوف.

المكان كان تحفة معمارية حديثة، فسيحًا ولامعًا، يضج بالحركة. لاحظ عمر انتشار كاميرات المراقبة في كل زاوية، ورجال الأمن بلباسهم الرسمي يتحركون بثقة بين الناس. شعر بموجة من الارتياح المؤقت؛ فالمكان مؤمن جيدًا على ما يبدو. لكن الرسالة المشفرة وغموضها كانا لا يزالان يلقيان بظلالهما الثقيلة على عقله. هل يبحث عن شخص يحمل حقيبة مريبة؟ أم عن جهاز موقوت في مكان مخفي؟ أم أن التهديد شيء آخر تمامًا، شيء رقمي وغير مرئي كما كانت الرسالة نفسها؟.

تجوَّل في أرجاء المحطة الفسيحة، متنقلاً بين الطوابق، مراقبًا مداخل البوابات السبعة التي أشارت إليها الرسالة. كل شيء بدا طبيعيًا بشكل مقلق. لاحظ بعض الأمور الصغيرة – عامل نظافة يبدو متوترًا، حقيبة سفر مهملة قرب أحد المقاعد، وميض متقطع في إحدى شاشات الإعلانات الكبيرة – لكنها بدت جميعًا تفاصيل عادية في مكان بهذا الحجم والازدحام.

عمر يبدو محبطًا ومتشككًا وهو يجلس وحيدًا في المحطة بعد فشل شكوكه الأولية.

الفصل السادس: خيوط واهية: 

   قرر عمر التركيز على إحدى ملاحظاته: الرجل الذي كان يقف لوقت طويل قرب أحد أعمدة الدعم، يتلفت حوله بارتياب ويمسك بحقيبة ظهر قديمة بشدة. تتبعه عمر بحذر عن بعد، متظاهرًا بالانهماك في هاتفه. سار الرجل عبر المحطة، ثم صعد إلى أحد الأرصفة، وانتظر القطار المتجه شمالاً. ركب عمر نفس القطار، وجلس على بعد مقاعد قليلة منه. بعد محطتين، نزل الرجل وخرج مسرعًا من المحطة. تبعه عمر، ليكتشف أنه مجرد طالب جامعي متأخر عن محاضرته، وكان ارتباكه بسبب تأخره وخوفه من أستاذه الصارم!

أما الحقيبة المهملة، فقد تبين أنها لسائح أجنبي مرتبك نسيها لدقائق وعاد لأخذها. وعطل شاشة الإعلانات كان مجرد مشكلة فنية بسيطة تم إصلاحها بسرعة.

مرت ساعتان أخريان. بدأت الشمس تميل للمغيب، وازدحام المحطة يقترب من ذروته مع خروج الموظفين. شعر عمر بالإحباط يتسلل إليه. كل خيوطه الواهية تبددت. هل كان أحمقًا؟ هل سمح لرسالة مشفرة غامضة أن تجعله يطارد الأشباح في مكان عام؟ بدأ يشك في قراره، في قدرته على التمييز بين الخطر الحقيقي والأوهام التي أثارتها الرسالة. ربما كان عليه أن يتجاهل الأمر برمته منذ البداية.

الفصل السابع: اللمحة الثانية: 

   جلس عمر على مقعد بعيد، يشعر بالهزيمة والإرهاق. أخرج هاتفه ليراجع الرسالة المشفرة للمرة الأخيرة، ربما يجد فيها شيئًا أغفله، أي تلميح يبرر وجوده هنا وشعوره المتزايد بالخطر. قرأ الكلمات والرموز ببطء، كلمة كلمة، رمزًا رمزًا.

لقطة مقربة لهاتف عمر تظهر الرسالة المشفرة مع التركيز على كلمة أو رمز معين.

"...حيث يلتقي النخيل بالفولاذ... قبل أن يطبق الصمت... سبعة أبواب..."

توقف عند كلمة "الصمت". في البداية، فسرها كهدوء ما بعد كارثة، صمت الموت أو الدمار. لكن ماذا لو كان المعنى حرفيًا أكثر... أو تقنيًا؟ صمت الأجهزة؟ صمت الأنظمة؟ ثم لاحظ رمزًا صغيرًا كان قد تجاهله في البداية بجانب الإحداثيات الزمنية، رمز يشبه بشكل غامض أيقونة قطع الاتصال أو تعطيل نظام.

لم يكن التهديد بالضرورة قنبلة أو عنفًا جسديًا. ماذا لو كانت "الفوضى" الموعودة هي شلل رقمي كامل للمحطة في أكثر أوقاتها ازدحامًا؟ قطع الكهرباء عن القطارات والمصاعد، تعطيل أنظمة التهوية، إغلاق الأبواب الإلكترونية فجأة، قطع الاتصالات... سيناريو كفيل بخلق حالة من الهلع والفوضى العارمة قد تكون نتائجها كارثية حتى بدون انفجار واحد. الفكرة بدت منطقية بشكل مخيف، وتتوافق مع طبيعة الرسالة الرقمية والمشفرة.

عمر يعمل بسرعة وتركيز شديد على حاسوبه المحمول في سباق مع الزمن.

الفصل الثامن: تسارع النبض: 

   نظر عمر إلى ساعته. الخامسة والربع مساءً. أقل من 45 دقيقة على الموعد المحدد. لم يعد هناك وقت للشك أو التردد. إذا كان تخمينه صحيحًا، فالخطر يكمن في الشبكة الرقمية للمحطة، وهو الآن بحاجة ماسة للوصول إلى حاسوبه المحمول وأدواته البرمجية.

نهض بسرعة، وبدأ يركض متجهًا نحو مخرج المحطة، متجاهلاً نظرات الاستغراب من حوله. كل دقيقة أصبحت ثمينة الآن. كان عليه العودة إلى شقته بأسرع وقت ممكن. لم يفكر حتى في الاتصال بصديق للمساعدة؛ فالوقت أضيق من أن يسمح بالشرح والتنسيق. كان يعلم أن محاولة اختراق شبكة بحجم وتعقيد شبكة المترو الجديدة هي مهمة شبه مستحيلة وتحمل مخاطر قانونية هائلة، لكنه لم يرَ خيارًا آخر.

بينما كان يندفع عبر الشوارع المزدحمة عائدًا إلى منزله، كان عقله يعمل بأقصى سرعة، يخطط لخطواته التالية، يرسم خريطة افتراضية لشبكة المحطة، ويفكر في الثغرات المحتملة التي قد يستغلها المهاجم المجهول... أو التي قد يستغلها هو لمحاولة إيقافه. لقد تحول السباق من مراقبة في الظل إلى مواجهة رقمية وشيكة، وكان هو خط الدفاع الوحيد، مسلحًا فقط بمهاراته وقلقه المتزايد، ونبضات قلبه التي كانت تتسارع مع كل ثانية تمر.


(نهاية الجزء الثاني)

لقد تغيرت طبيعة التهديد في ذهن عمر، وتحول السباق من البحث عن دليل مادي إلى الاستعداد لمواجهة رقمية وشيكة. هل سيتمكن من العودة في الوقت المناسب؟ وهل يمتلك المهارات الكافية لإيقاف هجوم سيبراني متطور قبل أن يحل "الصمت المطبق" على المحطة؟ التوتر يصل إلى ذروته في انتظار الجزء التالي...

[>> لقراءة الجزء الثالث والأخير: لحظة الحقيقة (انقر هنا)]


مدونة السطر التالي..! https://theneextline.blogspot.com

تعليقات