لقراءة الأجزاء السابقة:
الفصل التاسع: العيون الخفية:
رسالة الخطأ "404 - الملف غير موجود" لم تكن مجرد عائق تقني، كانت إعلان حرب رقمي. أدركت ليلى وسامي، الذي كان يتابع بقلق عبر اتصال مشفر مؤقت، أنهما لم يعودا يبحثان عن شبح في الماضي، بل يواجهان خصمًا حقيقيًا، متطورًا، وقادرًا على الوصول إلى الحاضر ومحوه بضغطة زر. ساد الصمت بينهما للحظات، لم يقطعه سوى صوت تنفس ليلى المتسارع.
همس سامي أخيرًا: "علينا تغيير كل شيء، لا مزيد من البحث المباشر من أجهزتك في الأرشيف. لا مزيد من الاتصالات غير المشفرة. يجب أن نفترض أن كل شيء مراقب." اتفقا على خطة عمل جديدة: الاعتماد أكثر على النسخ الورقية، استخدام شبكات افتراضية مشفرة (VPN) عند الضرورة القصوى للبحث عبر الإنترنت، والعمل بشكل منفصل قدر الإمكان لتقليل المخاطر. الخوف كان حقيقيًا، لكنه امتزج بإصرار أشد؛ لقد اقتربوا من شيء أراد هذا الخصم المجهول دفنه بأي ثمن.
الفصل العاشر: ضباب رقمي وتهديدات مبطنة:
الأيام التالية تحولت إلى لعبة قط وفأر متوترة. بدأت ليلى تلاحظ معلومات مضللة تظهر في بعض قواعد البيانات الأرشيفية الأقل تأمينًا، معلومات تقلل من أهمية أبحاث الدكتور الراوي أو حتى تلمح إلى عدم استقراره النفسي قبل اختفائه. "إنهم يحاولون تسميم البئر" قال سامي بمرارة: "يشوهون سمعته بأثر رجعي ليقللوا من أهمية أي كشف مستقبلي."
في الوقت نفسه، تعرض سامي لسلسلة من الهجمات السيبرانية المزعجة، لم تكن اختراقات كاملة، بل أشبه بمحاولات استنزاف وتشتيت، وكأن الخصم يريد أن يقول "نحن نعرف من أنت ونستطيع الوصول إليك". أما ليلى، فقد تلقت التهديد بشكل أكثر تقليدية. استدعاها الأستاذ فارس إلى مكتبه، وبنبرة أبوية زائفة، حذرها من "إثارة المشاكل" والبحث في ملفات قديمة "لا تخدم المصلحة العامة". لم يقل من أين جاءه هذا الكلام، لكن ليلى أدركت أنها كانت رسالة واضحة من الظلال التي تراقبها.
الفصل الحادي عشر: همسات من الماضي الورقي:
بعد تردد، باحت له ليلى بجزء من شكوكها، دون الدخول في تفاصيل التلاعب الرقمي الخطير. تحدثت عن التناقضات التي وجدتها في ملف الدكتور الراوي. فاجأها السيد عدنان بتعاطفه وتفهمه. "عز الدين كان رجلاً طيبًا، لكنه كان عنيدًا ومستقيمًا أكثر من اللازم في زمن لا يحب الاستقامة،" قال بصوت خافض. "هناك أمور في ملفه لم ترغب جهات كثيرة في أن تُكشف يومًا ما." وبحذر شديد، أخرج من خزانة مقفلة ملفًا سميكًا مغبرًا، لم يتم فهرسته رقميًا بالكامل بعد. "ألقي نظرة هنا، يا ابنتي، بحذر. بعض الأوراق لها آذان.".
الفصل الثاني عشر: الشركة مجهولة الاسم:
أمضت ليلى وسامي الساعات التالية في تحليل محتويات الملف الورقي ومقارنتها بما لديهم. احتوى الملف على مراسلات، صور، ووثائق مالية بدا أن الدكتور الراوي كان يجمعها. الأهم من ذلك، وجدوا إشارات متكررة إلى شركة قابضة غامضة ذات اسم غير مألوف، يبدو أنها كانت الواجهة للعديد من الأنشطة التجارية المشبوهة المرتبطة ببعض الشخصيات النافذة التي كان الراوي يحقق فيها.
قال سامي بحماس محسوب: "هذه الشركة هي الخيط!" ، التلاعب الرقمي، التهديدات، كلها تهدف لحماية هذه الواجهة ومن يقف خلفها." بدأ سامي عملية تتبع رقمي معقدة، محاولًا ربط أي نشاط سيبراني مشبوه على خوادم الأرشيف بعنوان IP أو خادم مرتبط بهذه الشركة القابضة. كانت عملية بطيئة ومحفوفة بالمخاطر، مثل البحث عن إبرة في كومة قش رقمية هائلة.
الفصل الثالث عشر: التحذير الأخير:
"وجدتها!" صاح سامي فجأة عبر سماعة الأذن المشفرة. "أحد أوامر المسح الأخيرة لملفات الراوي... تم توجيهه عبر خادم بروكسي، لكنني تتبعته... إنه يعود إلى عنوان مسجل باسم... 'شركة الأصالة القابضة'!"
لم تكد ليلى تستوعب الاسم، حتى تغيرت شاشة سامي التي كان يشاركها معها. اختفت خريطة التتبع المعقدة، وحلت محلها نافذة رسالة فورية بسيطة وسوداء، كُتب فيها ببطء، حرفًا حرفًا، باللون الأحمر القاني:
"لـقـد تـجـاوزتـم حـدودكـم. هـذا هـو الـتـحـذيـر الأخـيـر."
ثم انقطع الاتصال.
نظرت ليلى إلى شاشتها المظلمة، وقلبها يدق بعنف في صدرها. لم يعودوا يطاردون الظلال، لقد أصبحت الظلال تطاردهم الآن. أصبح لديهم اسم، خيط يقود إلى قلب المؤامرة. لكن هذا الخيط كان أيضًا بمثابة حبل المشنقة الذي التف للتو حول عنقيهما. الخطر لم يعد مجرد احتمال رقمي، لقد أصبح شخصيًا، ومباشرًا، ومميتًا.
(نهاية الجزء الثالث)
[>> لقراءة الجزء الرابع: حقيقة مشفرة (انقر هنا)]
مدونة السطر التالي..!