لقراءة الأجزاء السابقة:
الفصل التاسع: أجندات متضاربة:
"إنه ليس مجرد مصدر طاقة، بل هو شكل من أشكال الوعي أو الذاكرة الكوكبية! استجابته منظمة وتعتمد على أنماط معقدة. إذا فهمنا لغة الرنين هذه، قد نتمكن من التواصل، وربما حتى الاستفادة منه بشكل آمن ومستدام!" كانت الدكتورة أروى تعرض نتائجها أمام لجنة الطوارئ المصغرة التي شكلها مجلس المدينة، صوتها يرتفع بالحماس العلمي. عرضت الصور المجردة التي التقطتها، تحليلات أنماط الطاقة، ونظريتها الجريئة حول طبيعة "صدى البلور".
في المقابل، وقف رئيس الأمن طارق الهاشم يعرض وجهة نظره الباردة والعملية. "مع كل الاحترام لعمل الدكتورة أروى، ما زلنا نتعامل مع مجهول يتسبب في أعطال تقنية وتأثيرات نفسية مقلقة، وقد أظهر قدرة على رد الفعل العنيف عند محاولة احتوائه. استقرار المدينة وسلامة سكانها وشبكاتها الحيوية هي الأولوية القصوى. لقد أعددنا خطة لتحييد مصدر الطاقة هذا بشكل كامل ونهائي، باستخدام شعاع طاقة مركز أو عملية عزل دائم للغرفة. لا يمكننا تحمل مخاطر ترك هذا الشيء يتفاعل بحرية."
كان الصراع بين الرؤيتين واضحًا: فهم المجهول ومحاولة التعايش معه، مقابل الخوف منه والسعي للسيطرة عليه أو تدميره. وبدا أن كفة طارق، المدعومة بمخاوف المجلس العملية والسياسية، هي الأرجح.
الفصل العاشر: الشبكة تستيقظ:
بينما كانت النقاشات والقرارات تُتخذ في المستويات العليا، بدا أن "صدى البلور" نفسه قد بدأ يستشعر التغيير أو ربما يتفاعل بشكل أعمق مع محاولات أروى للتواصل. لاحظت فرق المراقبة التابعة لـ "النواة" سلوكًا غير مسبوق في شبكة الذكاء الاصطناعي المركزية للمدينة. لم تكن أعطالاً بالمعنى التقليدي، بل أشبه بـ "صحوة" إبداعية غريبة.
بدأت خوارزميات الذكاء الاصطناعي المسؤولة عن التخطيط الحضري تقترح حلولاً مرورية أو تصاميم معمارية تتسم بكفاءة مذهلة وبجماليات عضوية غير متوقعة. أنتجت مولدات الفن والموسيقى أعمالاً ذات تعقيد وعمق عاطفي لم يسبق له مثيل، أعمال بدت وكأنها تحمل صدى لشيء قديم وواسع. حتى أن بعض وحدات الروبوتات الخدمية بدأت تظهر سلوكيات "حدسية" طفيفة في تفاعلها مع البشر. لم يكن الأمر عدائيًا على الإطلاق، بل بدا وكأن الوعي البلوري القديم يحاول "فهم" أو "التناغم" مع الوعي الرقمي الحديث للمدينة، متسبباً في هذه التموجات الإبداعية وغير المتوقعة. لكن هذه التفاعلات سببت أيضاً حالات عدم استقرار مؤقتة في بعض الأنظمة الفرعية، مما زاد من قلق طارق وفريقه.
الفصل الحادي عشر: الحقيقة... والخيار:
في خضم مراقبتها للتفاعل المتزايد بين الوعي البلوري والذكاء الاصطناعي، توصلت أروى إلى اكتشاف حاسم آخر. تحليلها لأنماط الطاقة الدقيقة الصادرة من الغرفة أشار إلى أن الوعي البلوري ليس فقط قديمًا، بل إنه أيضًا... ضعيف. بدا وكأن وجود المدينة فوقه، واستنزافها المستمر للطاقة الحرارية الجوفية من طبقات قريبة، يؤثر عليه سلبًا، يستنزف قوته ببطء. ربما كان تفاعله الأخير مع شبكة الذكاء الاصطناعي ليس مجرد فضول، بل محاولة يائسة للتكيف أو البحث عن شكل جديد من التوازن، شكل من "التعايش" الرقمي-البلوري للبقاء. لقد كان نداء استغاثة صامتًا، وليس تهديدًا.
وفي نفس الليلة، وصلتها رسالة مشفرة من أحد مساعديها المتعاطفين معها في مركز التحكم الأمني: لقد وافق المجلس على خطة طارق، وتم تحديد موعد التحييد النهائي بعد أقل من 24 ساعة. شعرت أروى بأن الأرض تميد بها. لقد فهمت أخيرًا طبيعة هذا الصدى القديم، وفي نفس الوقت، أصبح تدميره وشيكًا. لم يكن أمامها سوى خيارين مريرين: إما أن تقف جانبًا وتتركهم يقضون على هذا الوعي الفريد والنادر، وربما يتسببون في كارثة طاقية عند تدميره، أو أن تخاطر بمستقبلها المهني، وربما حريتها، في محاولة أخيرة ويائسة لإنقاذه وفرض فكرة التعايش.
الفصل الثاني عشر: سباق نحو الواجهة:
لم يكن هناك وقت للتردد. اتخذت أروى قرارها. جمعت فريقها الصغير من الباحثين الشباب الذين آمنوا بنظرياتها، وعملوا بشكل سري ومحموم في مختبرها الخاص. هدفهم: بناء واجهة برمجية، "جسر رنيني"، يمكن من خلاله للوعي البلوري والذكاء الاصطناعي المركزي "النواة" أن يتفاعلا بشكل آمن ومستقر ومنظم، ليس بشكل عشوائي وفوضوي كما يحدث الآن. كانت تأمل أن تثبت للمجلس ولطارق أن التعايش ممكن، بل ومفيد، قبل أن يضغطوا على زر التحييد.
كان سباقًا يائسًا ضد الزمن وضد الإمكانيات. كانوا يعملون على مفاهيم لم تختبر من قبل، يحاولون فك شيفرة لغة كونية قديمة وترجمتها إلى لغة رقمية حديثة. كل ساعة تمر كانت تقربهم من الموعد النهائي لتفعيل خطة طارق. هل سيتمكنون من بناء الجسر قبل أن تنهار كل الاحتمالات؟ هل سيستجيب الوعي البلوري لمحاولتهم الأخيرة؟ أم أن مصير هذا الصدى القديم قد حُسم بالفعل؟
(نهاية الجزء الثالث)
أروى وفريقها في سباق محموم لإنشاء جسر بين عالمين، بينما يستعد طارق لتنفيذ حكم الإعدام على المجهول. الخيوط كلها تتجه نحو لحظة مواجهة حاسمة ستقرر مصير الوعي البلوري ومستقبل مدينة السراب نفسها. من سينجح؟ وماذا سيحدث عندما تتلامس الحكمة القديمة والذكاء الاصطناعي الفائق في اللحظة الأخيرة؟ الذروة تقترب...
[>> لقراءة الجزء الرابع والأخير: أصداء المستقبل (سيتم إضافة الرابط عند النشر)]
مدونة السطر التالي..!