.png){kind=small}
لقراءة الجزء السابق:
الفصل الرابع: همسات بين الأقارب:
مر يومان على انهيار أبو كريم، وحالته لا تزال حرجة ومستقرة في العناية المركزة بالمستشفى. في هذه الأثناء، كان الشك يأكل عقل كريم. علامات الاقتحام الدقيقة لم تفارق ذهنه، وكذلك كلمات والده الأخيرة. قرر أن يتحدث مع أفراد عائلته بحذر، ليس عن الاقتحام مباشرة، بل عن أي شيء قد يفسر سبب هذا الانهيار المفاجئ، أي ضغوط كان يتعرض لها والده مؤخرًا، أو أي أعداء قدامى قد يكونون عادوا للظهور.
تحدث أولاً مع والدته. كانت المرأة غارقة في حزنها وقلقها، لكن بين دموعها، استطاع كريم أن يلتقط همسات عن "مكالمات هاتفية غريبة" تلقاها زوجها في الأسابيع الأخيرة، كانت تجعله يبدو متوترًا وغاضبًا بعدها، لكنه رفض الإفصاح عن هوية المتصل أو سبب المكالمات. ثم تحدث مع شقيقه الأكبر، الذي يدير الآن الأعمال التجارية للعائلة التي أسسها الأب. نفى الأخ وجود أي مشاكل مالية أو منافسين جدد، لكنه اعترف بأن والده كان "منعزلاً وغريب الأطوار" في الفترة الأخيرة، وكان يقضي وقتًا أطول بمفرده في الاستراحة. عمه، شقيق والده، لم يقدم الكثير سوى ذكريات عامة عن "عناد" أبي كريم و"تكتمه الشديد" في أمور العمل حتى مع أقرب الناس إليه.
كل محادثة كانت تضيف قطعة صغيرة ومشوشة إلى اللغز، لكنها لم تكشف عن الصورة الكاملة. بدا واضحًا أن والده كان يخفي شيئًا، شيئًا مهمًا بما يكفي لجعله قلقًا ومتوترًا، وربما شيئًا ثمينًا بما يكفي ليقتحم أحدهم مكتبه بحثًا عنه. لكن ما هو؟.
الفصل الخامس: فك لغز "العين الحارسة":
عاد كريم إلى الاستراحة مرة أخرى بمفرده، عقله يدور حول كلمات والده: "المفتاح... تحت العين الحارسة". لم تكن مجرد كلمات هذيان، لقد شعر بذلك. يجب أن تشير إلى شيء مادي، شيء هنا في هذا المكان الذي كان يمثل عالم والده الخاص.
تجول في الحديقة الخلفية الواسعة، يتفحص كل زاوية، كل شجرة، كل بناء صغير. نظره وقع على البئر القديمة المهجورة في ركن بعيد من الحديقة، بئر كانوا يسمونها وهم صغار "عين المزرعة" بسبب شكل فتحتها الدائري وعمقها المظلم الذي كان يثير فضولهم وخوفهم. هل يمكن أن تكون هي "العين الحارسة"؟
اقترب من البئر بحذر. غطاؤها الخشبي القديم كان مغلقًا بإحكام. تفحص الحجارة المحيطة بالفتحة، ولاحظ أن أحد الحجارة الكبيرة في قاعدة البئر يبدو مختلفًا قليلاً عن البقية، وكأن تم تركيبه أو تعديله لاحقًا. حاول دفعه، فلم يتزحزح. لكنه لاحظ شقًا صغيرًا جدًا على جانبه. أدخل طرف مفتاح سيارته في الشق وحاول تحريك الحجر بحذر. بجهد بسيط، تحرك الحجر للداخل قليلاً، كاشفًا عن تجويف صغير ومظلم خلفه.
أدخل يده المرتجفة في التجويف، لتلمس أصابعه صندوقًا معدنيًا صغيرًا وباردًا. أخرجه بصعوبة. لم يكن الصندوق مقفلاً، فتحه بسرعة...
الفصل السادس: أول خيوط السر:
لم يكن الصندوق يحتوي على ذهب أو مجوهرات كما قد يتوقع البعض. بل كان مليئًا بأوراق ووثائق قديمة، محفوظة بعناية. رسائل شخصية، عقود مبدئية لم تكتمل، دفتر حسابات صغير بغلاف جلدي مهترئ، وبعض الصور الفوتوغرافية الباهتة.
جلس كريم على الأرض بجانب البئر، وبدأ يقلب الأوراق بفضول متزايد وقلق متصاعد. الرسائل كشفت عن علاقة قديمة لوالده لم يكن يعلم بها أحد في العائلة، علاقة انتهت بشكل مأساوي وغامض. أما دفتر الحسابات، فكان يسجل تفاصيل صفقات تجارية تمت "تحت الطاولة" مع شريك يبدو أنه اختفى لاحقًا في ظروف غامضة، وتضمنت هذه الصفقات مبالغ مالية كبيرة وديونًا لم تُسدد. والعقود المبدئية كانت تتعلق بقطعة أرض كبيرة ذات موقع استراتيجي، يبدو أن والده وشريكه المفقود كانا يمتلكانها أو يديرانها سرًا، وهي نفس الأرض التي تدور حولها نزاعات ملكية معقدة في الوقت الحاضر تورطت فيها أسماء كبيرة.
بدأ كريم يرى خيوطًا تربط بين هذه الأوراق وبين انهيار والده المفاجئ. لم يكن الأمر مجرد ماضٍ تجاري غامض، بل كان شبكة من الأسرار والديون والنزاعات والخيانة المحتملة. والشخص الذي اقتحم المكتب، لم يكن يبحث عن مال، بل كان يبحث عن هذه الأوراق تحديدًا، الأوراق التي قد تدين أشخاصًا نافذين أو تكشف عن حقوق ضائعة. لقد وجد كريم "المفتاح" الذي تحدث عنه والده، لكن هذا المفتاح لم يفتح بابًا للكنز، بل فتح صندوق باندورا من الأسرار الخطيرة التي قد تهدد حياته وحياة عائلته بأكملها.
(نهاية الجزء الثاني):
لقد كشف كريم عن جزء من أسرار والده المظلمة، ووجد الوثائق التي كان يبحث عنها المقتحم المجهول. لكن هذا الاكتشاف لم يجلب له الوضوح، بل المزيد من الأسئلة والمخاطر. من هو الشريك المختفي؟ وما هي طبيعة النزاع على الأرض؟ ومن هم الأشخاص النافذون الذين قد تسعى هذه الوثائق لإدانتهم؟ الظلال بدأت تتخذ شكلاً أكثر وضوحًا وتهديدًا...
[>> لقراءة الجزء الثالث: الظلال تتقارب (سيتم إضافة الرابط عند النشر)]
مدونة السطر التالي..!