"من هدوء جمعة عائلية في ظاهرها، ينسج 'السطر التالي..!' خيوط الغموض الأولى. نقدم لكم بداية قصة 'ظلال الاستراحة'، حيث لا شيء يبدو كما هو عليه تمامًا..."
الفصل الأول: الجمعة والانهيار:
كانت شمس عصر يوم الجمعة ترسل أشعتها الذهبية الدافئة على استراحة العائلة القديمة الواقعة على أطراف "المدينة". تجمع أفراد عائلة "العبد الله" كعادتهم في نهاية الأسبوع؛ أحاديث متفرقة، ضحكات أطفال تتعالى من الحديقة، رائحة القهوة العربية والهيل تفوح في الهواء، وأبو كريم، كبير العائلة وربها، يجلس في صدر المجلس على كرسيه المفضل، يراقب الجميع بنظرته الهادئة التي تخفي خلفها تاريخًا طويلاً من العمل والكتمان.
وصل كريم متأخرًا كعادته. علاقة الشاب الثلاثيني بوالده كانت دائمًا معقدة، مزيجًا من الاحترام الواجب والمسافة الباردة. كان يرى في والده رجلاً عصاميًا بنى نفسه بنفسه، لكنه أيضًا رجل صارم، متكتم، أغلق أبواب ماضيه التجاري بإحكام بعد تقاعده قبل سنوات، ولم يسمح لأحد، ولا حتى لأبنائه، بالاقتراب منه. دخل كريم وألقى تحية سريعة، وجلس في طرف المجلس، يشعر بأنه لا يزال ذلك الابن المتمرد الذي لم يفهم والده أبدًا، ولم يفهمه والده بالمثل.
وبينما كان الجميع منشغلين بالحديث، ساد صمت مفاجئ. لاحظوا أن أبا كريم قد شحب وجهه فجأة، ويده ترتعش وهو يحاول الإمساك بمسند الكرسي. حاول أن يتكلم، لكن صوته خرج ضعيفًا ومبحوحًا بكلمات غامضة: "...المفتاح... المفتاح يا... تحت العين... العين الحارسة..." ثم، وقبل أن يتمكن أحد من فهم ما يقول، ارتخت يده، ومال رأسه، وفقد وعيه تمامًا.
عمت الفوضى المكان. صرخات، محاولات لإفاقته، اتصال بالإسعاف... وفي خضم هذا الارتباك، وبينما كان المسعفون ينقلون جسد والده الهامد بحذر، لم يستطع كريم أن يمنع تلك الكلمات الأخيرة من التردد في أذنيه بقوة غريبة: "المفتاح... تحت العين الحارسة". ماذا كان يقصد والده؟
الفصل الثاني: علامات مقلقة:
بعد نقل الأب إلى المستشفى وذهاب معظم أفراد العائلة لمرافقته أو ليكونوا مع والدتهم المنهارة، بقي كريم في الاستراحة لبعض الوقت، بحجة أنه سيقوم بترتيب بعض الأمور وإغلاق المكان. لكن في الحقيقة، كان هناك شعور غريب بالقلق وعدم الارتياح يمنعه من المغادرة. تلك الكلمات الأخيرة لوالده، ونظرته قبل أن يفقد الوعي، بدت وكأنها تحمل أكثر من مجرد هذيان رجل مريض.
بدأ يتجول في أرجاء الاستراحة الهادئة الآن بشكل مخيف. لا شعوريًا، اتجه نحو مكتب والده الخاص، الغرفة التي كانت دائمًا مغلقة وممنوع الاقتراب منها تقريبًا. الباب كان مواربًا قليلاً، ربما بسبب فوضى الصباح. دفع الباب بحذر. لم يلحظ شيئًا غريبًا في البداية، فالمكتب كان دائمًا مرتبًا بشكل صارم، وإن كان مغبرًا قليلاً بسبب قلة الاستخدام. لكن عندما اقترب من النافذة المطلة على الحديقة الخلفية ليغلقها، لاحظ شيئًا: خدشًا صغيرًا وحديثًا جدًا قرب مزلاج القفل المعدني، كأن أحدهم حاول فتحه من الخارج بأداة رفيعة.
شعر ببرودة تسري في عموده الفقري. بدأ يتفحص المكان بعيون أكثر يقظة. لاحظ أن الغبار الكثيف المتراكم على أحد الأرفف العالية يبدو مزاحًا في بقعة معينة، تاركًا خلفه شكلاً مستطيلاً باهتًا يوحي بأن شيئًا كان موضوعًا هناك وتم رفعه مؤخرًا. ثم لاحظ أن طرف السجادة الفارسية الثقيلة التي تغطي جزءًا من الأرضية يبدو مثنيًا بشكل غير طبيعي، كأن أحدهم رفعه على عجل ولم يعده إلى مكانه الصحيح تمامًا.
ثلاثة تفاصيل صغيرة، قد لا يلاحظها أحد، لكنها مجتمعة شكلت صورة مقلقة في ذهن كريم: أحدهم دخل مكتب والده خلسة، وبحث عن شيء معين، وغادر دون أن يترك أثرًا واضحًا... ربما قبل وقت قصير من انهيار والده. هل هناك علاقة؟.
الفصل الثالث: بحث الابن الضال:
دخل كريم المكتب وأغلق الباب خلفه بهدوء. شعر وكأنه يدخل منطقة محرمة. لم يدخل هذه الغرفة منذ سنوات طويلة. كانت لا تزال كما يذكرها: مكتب خشبي ثقيل، كرسي جلدي كبير، خزائن كتب ممتلئة بملفات وأوراق قديمة تبدو مرتبة بشكل مبالغ فيه. رائحة الغبار والورق القديم والخشب المعتق تملأ المكان. تذكر علاقته بوالده، كيف كان هذا المكتب يمثل سلطته وبعده عنه، وكيف كان يتجنب حتى المرور بجانبه.
بدأ يبحث بحذر، لا يعرف بالضبط عما يبحث. فتح الأدراج، قلب بعض الملفات العلوية. كل شيء بدا في مكانه، لا أثر لفوضى أو بعثرة. من دخل هنا كان يعرف ما يريد، أو على الأقل يعرف أين يبحث. هل وجد ما كان يبحث عنه؟ أم أن انهيار والده قاطعه؟
توقف كريم في منتصف الغرفة، وشعر بالإحباط والعجز. هو بالكاد يعرف شيئًا عن حياة والده العملية قبل التقاعد، وعلاقتهما المتوترة لم تسمح أبدًا بأسئلة أعمق. كل ما يعرفه هو أن والده كان صارمًا، ناجحًا، وكتومًا للغاية. والآن، هذا الكتمان قد يكون هو السبب فيما حدث له.
عادت الكلمات الغامضة تتردد في ذهنه: "المفتاح... تحت العين الحارسة". أي مفتاح؟ وأي عين حارسة؟ هل هي مجرد استعارة، أم أنها تشير إلى شيء حقيقي هنا في هذه الاستراحة المليئة بالذكريات والأسرار؟ نظر حوله مرة أخرى، عيناه تمسحان تفاصيل المكتب، الجدران، الأثاث، الحديقة الظاهرة من النافذة... أي منها يمكن أن يكون "العين الحارسة" التي تحمل مفتاح لغز انهيار والده المفاجئ؟.
(نهاية الجزء الأول)
انهيار غامض، كلمات أخيرة مشفرة، وعلامات اقتحام سري... يجد كريم نفسه فجأة في قلب لغز يحيط بوالده الذي لم يعرفه جيدًا قط. ما هو السر الذي كان أبو كريم يخفيه؟ ومن هم الذين يسعون وراءه؟ وهل سيتمكن كريم من فك شيفرة "العين الحارسة" قبل فوات الأوان؟ الشكوك تتعمق، والظلال تبدأ بالتحرك...
[>> لقراءة الجزء الثاني: نبش الماضي (اضغط هنا)]