لقراءة الأجزاء السابقة:
الفصل التاسع: ساحة المعركة الرقمية:
لم يمر وقت طويل حتى وجد ما كان يخشاه: آثار واضحة لوجود دخيل. سجلات دخول مشبوهة، بروتوكولات أمنية تم تجاوزها ببراعة، وملف تنفيذي غريب تم زرعه في أحد خوادم التحكم الفرعية. شخص ما كان بالفعل داخل النظام، ينتظر الوقت المناسب لتفعيل "شيفرة الفوضى". شعر عمر بقلبه يهبط؛ لم يعد الأمر مجرد منع هجوم، بل إيقاف هجوم بدأ بالفعل. بل والأسوأ، بدا أن النظام يدرك محاولاته الآن، فقد بدأت الجدران النارية الافتراضية تظهر أمامه، وتحاول إعاقة وصوله. لقد دخل ساحة معركة رقمية، وكان الخصم يراه.
الفصل العاشر: ثوانٍ قبل الصفر:
نظر عمر إلى الساعة الرقمية في زاوية الشاشة: 5:52 مساءً. ثماني دقائق فقط تفصله عن السادسة، ساعة الذروة القصوى في المحطة، والوقت المحدد في الرسالة. بدأ العرق البارد يتصبب على جبينه. كان عليه تحديد موقع الشيفرة الخبيثة الرئيسية وتعطيلها قبل فوات الأوان.
باستخدام أدوات تحليل الشبكات وتشخيص العمليات، تمكن أخيرًا من تحديد موقع الملف المشبوه الذي كان يتصرف بغرابة، ملف صغير مخفي تحت اسم يبدو بريئًا ضمن مجلد تحديثات النظام. وعندما تمكن من تحليل جزء من شيفرته، تجمد الدم في عروقه. لم يكن مجرد فيروس عادي، بل كان "قنبلة منطقية" (Logic Bomb) متطورة، مبرمجة لتنفيذ سلسلة من الأوامر المدمرة في تمام الساعة السادسة: قطع الطاقة عن مسارات القطارات بشكل مفاجئ، إغلاق جميع أبواب الطوارئ والمخارج إلكترونيًا، تعطيل أنظمة الاتصالات الداخلية، وبث رسائل فوضى على شاشات العرض. كان سيناريو كارثيًا مصممًا لخلق أقصى درجات الهلع والفوضى بين آلاف الركاب المحاصرين.
الفصل الحادي عشر: نزع الفتيل:
الوقت: 5:58 مساءً. دقيقتان فقط. حاول عمر حذف الملف مباشرة، لكنه كان محميًا بآليات دفاعية ذكية، تعيد نسخه فور حذفه. حاول إيقاف العملية المجدولة، لكنها كانت مخفية تحت طبقات من الأذونات المعقدة. شعر بلحظة من اليأس، هل فات الأوان؟
ثم، لمح شيئًا في الشيفرة نفسها، خطأ بسيطًا، ثغرة صغيرة تركها المبرمج المهاجم في آلية التحقق من الوقت، ربما بسبب الثقة المفرطة أو الاستعجال. كانت فرصة ضئيلة، تتطلب كتابة نص برمجي مضاد بسرعة فائقة لاستغلال هذه الثغرة وتعطيل القنبلة المنطقية من الداخل قبل أن تتحقق من شرط الوقت.
أصابعه رقصت على لوحة المفاتيح بسرعة لم يكن يعلم أنه يمتلكها. كل تركيزه، كل خبرته، كل معرفته، انصبت في تلك الأسطر القليلة من الكود. الوقت: 5:59:50... 5:59:55... ضغط على زر الإدخال (Enter) بأنفاس محبوسة. للحظة، تجمد كل شيء على الشاشة... ثم ظهرت رسالة تأكيد بسيطة: "العملية معطلة بنجاح".
في نفس اللحظة، ربما شعر بعض الركاب في المحطة بارتعاش خفيف في الإضاءة، أو سمعوا إنذارًا داخليًا قصيرًا تم إسكاته بسرعة، لكن القطارات استمرت في مسيرها، والأبواب بقيت مفتوحة، والكهرباء لم تنقطع. لقد تم تجنب الكارثة في آخر ثانية ممكنة.
الفصل الثاني عشر: رماد وهَمْس:
انهار عمر للخلف على كرسيه، يشعر بالإرهاق الشديد وكأن كل طاقته قد استنزفت في الدقائق القليلة الماضية. الأدرينالين الذي كان يتدفق في عروقه بدأ بالانحسار، تاركًا وراءه شعورًا بالفراغ والارتياح الممزوج بالقلق. لقد نجح، لقد منع كارثة حقيقية.
في الأيام التالية، تابعت الأخبار تقارير مقتضبة عن "خلل فني بسيط ومؤقت" في أنظمة التحكم بمحطة المترو الجديدة، تم التعامل معه بسرعة وكفاءة دون أي تأثير يذكر على الركاب. بدأت السلطات تحقيقًا داخليًا، لكن يبدو أن المهاجم الحقيقي، وكذلك تدخل عمر المضاد، كانا متطورين بما يكفي لعدم ترك آثار واضحة تقود إليهما بسهولة. لقد عادت المدينة إلى إيقاعها الطبيعي، غير مدركة للخطر الذي كان يحدق بها.
وحده عمر من يعرف الحقيقة كاملة. حقيقة "شيفرة الفوضى"، وحقيقة "الشبح" الذي أرسلها. من كان ذلك المرسل المجهول؟ هل هو نفسه المهاجم الذي أراد اختبار قدراته أو إرسال رسالة ما؟ أم أنه طرف ثالث، "مَلَاك حارس" رقمي، علم بالهجوم وحاول تحذيره ومنعه بطريقته الملتوية؟
نظر عمر إلى هاتفه، إلى أيقونة التطبيق المشفر السوداء الصامتة. لم تصله أي رسائل أخرى. ربما لن يعرف الإجابة أبدًا. لكن شيئًا واحدًا كان مؤكدًا: هذه التجربة غيرته إلى الأبد. لم يعد مجرد مطور تطبيقات يعيش في عالم الأكواد، لقد لمس بنفسه كيف يمكن للخطوط الرقمية أن تحمل خطرًا حقيقيًا، وكيف يمكن لهمسة واحدة في الشبكة أن تشعل سباقًا يائسًا بين الفوضى والنجاة. لقد أصبح يحمل سرًا ثقيلاً، ووعيًا جديدًا بالظلال التي قد تختبئ خلف الشاشات اللامعة لعالمه الحديث. وبقي السؤال يتردد في ذهنه: متى، ومن أين، ستأتي الهمسة التالية؟
(نهاية القصة)
هكذا تنتهي رحلة عمر مع "شيفرة الفوضى". تم تجنب الكارثة، لكن لغز المرسل يبقى قائمًا، تاركًا الباب مفتوحًا أمام التساؤلات... وربما أمام "سطر تالٍ" لم يُكتب بعد في عالم التشويق الرقمي.
نأمل أن تكون قد استمتعت بهذه القصة المشوقة في مدونة "السطر التالي..!" يمكنك قراءة القصة كاملة من البداية عبر الروابط أعلاه، أو استكشاف قصص أخرى في أقسامنا المتنوعة. للوصول إلى فهرس القصص: اضغط هنا.
مدونة السطر التالي..!