نِعال الجمعة المفقود

 

صالح يبحث بقلق شديد عن نِعاله المفقودة وسط كومة كبيرة من الأحذية خارج المسجد

   خرج صالح من المسجد بعد صلاة الجمعة، قلبه مفعم بالسكينة ووجهه مبتسم. استمع إلى خطبة مؤثرة، وصافح جيرانه وأصدقائه، وتبادل معهم تهاني يوم الجمعة. كل شيء كان يسير بشكل مثالي حتى وصل إلى منطقة الأحذية خارج باب المسجد. هنا بدأت المأساة الكوميدية.

كان صالح يعتز بنِعاله (الشبشب) بشكل خاص. لم تكن مجرد نِعال عادية، بل كانت من النوع الطبي المريح، بلون بني مميز، وقد اشتراها بسعر "محترم" بعد نصيحة من طبيب العظام. والآن، لم يجدها!

نظر يمينًا ويسارًا بين مئات النِعال والأحذية المتناثرة بعشوائية. هناك البيضاء، والسوداء، والرمادية، والبلاستيكية الرخيصة، والجلدية الفاخرة... لكن لا أثر لنِعاله البنية الطبية المميزة. بدأ يشعر بالقلق. انحنى وبدأ يقلب النعال واحدة تلو الأخرى تحت شمس الظهيرة الحارقة.

"يا أبو محمد، عسى ما شر؟" سأله جاره أبو بدر وهو يلتقط حذاءه بسهولة. "الشر ما يجيك يا أبو بدر، بس النعال الله يحفظك ما أدري وين راحت!" رد صالح بصوت بدأ يرتفع قليلاً.

استمر البحث. بدأ المصلون يتفرقون، والساحة تخلو شيئًا فشيئًا، وصالح لا يزال يحوم حول كومة الأحذية كالنحلة، يتمتم بكلمات غير مفهومة عن "اللون البني" و "الماركة الطبية". بدأ يشك في أطفال الحارة المشاغبين، هل يمكن أن يكونوا قد أخفوها من باب الدعابة الثقيلة؟ تفحص تحت السيارات القريبة. لا شيء. سأل عامل النظافة الواقف بعيدًا، فهز العامل رأسه بالنفي وهو يبتسم.

بدأ العرق يتصبب منه، ليس فقط بسبب الحر، بل بسبب الإحراج والقلق. كيف سيعود للمنزل حافي القدمين؟ وماذا سيقول لزوجته التي نبهته ألف مرة ألا يترك نعاله الغالية في أي مكان؟ فكر في اقتراض نعال أحد أصدقائه، لكن كبرياءه منعه.

وبينما هو على وشك اليأس التام وإعلان حالة الطوارئ، لمح بزاوية عينه شيخًا وقورًا يجلس على كرسي بلاستيكي قريب ينتظر سيارة ابنه، وينتعل... نعم! إنها هي! نعاله البنية الطبية! اندفع صالح نحو الشيخ وهو لا يكاد يصدق عينيه.

"يا عمي! حياك الله! لو سمحت... هذه... هذه نعالي!" قال صالح وهو يشير إلى قدمي الشيخ. نظر الشيخ إلى قدميه باستغراب، ثم إلى صالح، ثم انفجر ضاحكًا بصوت مجلجل. "لا حول ولا قوة إلا بالله! أعتذر يا ولدي، والله من العجلة والزحام لبستها وما انتبهت! تفضل تفضل، وآسف على الإزعاج."

خلع الشيخ النعال وسلمها لصالح الذي كاد أن يقبلها من شدة الفرح (والارتياح). شكر صالح الشيخ، واعتذر منه على الإزعاج، وارتدى نعاله العزيزة أخيرًا. وبينما هو يسير مبتعدًا، سمع الشيخ ينادي ابنه الذي وصل لتوه: "يا محمد، تعال بسرعة قبل لا أضيع نعالك أنت بعد!". ابتسم صالح وهو يكمل طريقه إلى المنزل، يشعر بأن خطبته المؤثرة عن الصبر قد طُبقت عمليًا في كومة النعال خارج المسجد.


نهاية القصة: 

مدونة السطر التالي..! https://theneextline.blogspot.com

تعليقات